شكرا .. صحم


في طريقي من صحار إلى السويق توقفت في إحدى المحطات لتزويد سيارتي بالوقود وأداء صلاة الظهر ، وكان ذلك بالتحديد في منطقة ( الردّة ) وبصحبتي ابنتي الصغيرة ( رملة ) .
وحين هممت للنزول إلى المسجد رفضت صغيرتي النزول وفضلت البقاء داخل السيارة ، فحاولت إغرائها بالتسوق في المحل الإستهلاكي التابع للمحطة ولكنها رفضت وذلك ليس من عادتها .
إختارت البقاء في السيارة وأشارت لي بأنها ستقفل الأبواب حتى إنتهائي من الصلاة ، وحينما أنهيت صلاتي عدت للسيارة فوجدت طفلتي غارقة في النوم وبدأت بالطرق الخفيف على نوافذ السيارة على أمل أن تصحى وتفتح لي الباب ، ثم بدأ الطرق يثقل ويثقل ولكن دون جدوى ، الصغيرة مرهقة من عناء الطريق وغارقة في نومها ، وبدأ المارة يتوافدون علي لمساعدتي ، فتارة نطرق النوافذ بآلة رفع العجلات وتارة بالعصيّ ، وتارة بإطلاق مزامير سياراتهم لعلها تصحو ولكن كل ذلك لم يأت بالجديد ، وحين نفذ الصبر وبدأ الخوف يطرق أبواب قلبي طلبت منهم أن يكسروا إحدى نوافذ السيارة ، فأشار أحدهم بأن نتصل بالدفاع المدني ، وكان ذلك ،، ولكن الرعب بدأ يتسلل لقلبي خوفا من أن تصاب الطفلة بالإختناق رغم إشتغال جهاز التكييف الخلفي للسيارة حيث هي متمددة .
فقام أحدهم بأخذ آلة رفع العجلات وطلب من المتواجدين عصا كي يفتح فجوة صغيرة في أعلى باب السائق ويدخل العصا لفتح مغلاق الباب وكانت تلك المحاولة قريبة من لحظة وصول رجال الدفاع المدني ورجال الشرطة والإسعاف ، ولكن الشباب كانوا يعتزمون تنفيذ المهمة ، وبحمد الله تم فتح السيارة وإنقاذ الطفلة رغم أنها لم تكن تعلم ما الذي يجري ، حينها لم أصدق ما أشاهده ولم أتمالك نفسي وأنا أحتضن صغيرتي التي مازالت غارقة في نومها .
فبدأت باحتضان أولئك الأبطال وتقبيلهم على رؤوسهم تقديرا لتضحيتهم ووقوفهم معي وقفة رجل واحد ، وكانوا يتبادلون التهاني والفرحة في أعينهم ، يا الله ما هذا التلاحم والتآخي بين أبناء هذا البلد !!
نعم هكذا هم أبناء عمان ، فشكرا لهم وشكرا صحم على هذه المبادرة البطولية التي ستبقى عالقة في ذهني ، وإني مدان لهؤلاء الخيّرون بالدعاء ماحييت .
فلهم كل التحايا القلبية ووفقهم الله في كل خطوة يخطونها وبارك فيهم وفي أهلهم وذرياتهم وبارك مسعاهم أينما كانوا .
من القلب شكرا صحم

عبدالحميد بن ناصر بن علي الدوحاني